نيروبي، كينيا، 4 أيلول/ سبتمبر 2023 (المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)) - خطة العمل الجديدة لنظم الإنذار المبكر للجميع لأفريقيا هي مبادرة من أكثر المبادرات طموحاً وشمولاً على الإطلاق لإنقاذ الأرواح وسبل العيش في قارة تتعرض بانتظام للطقس المتطرف وتتحمل تكلفة اجتماعية واقتصادية غير متناسبة لتغير المناخ.
ويتمثل الهدف الرئيسي للخطة في التأكد من وصول معلومات دقيقة في الوقت المناسب عن الأخطار الطبيعية والكوارث الوشيكة إلى جميع شرائح المجتمع الأفريقي، ولا سيما الأكثر ضعفاً. وتمثل الخطة استجابة للدعوة التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومفادها ضرورة أن يُحمى كل شخص على وجه الأرض بنظم الإنذار المبكر بحلول عام 2027. ووقع الاختيار على عدد من البلدان الأفريقية لتشملها إجراءات ذات أولوية في هذه المبادرة العالمية.
وقال الأمين العام للمنظمة (WMO)، البروفيسور بيتيري تالاس: "إن أفريقيا قارة من أكثر قارات العالم عرضة للآثار السلبية لتغير المناخ. فالفيضانات الشديدة والجفاف والأعاصير المدارية والعواصف وموجات الحر تقوّض التطورات الاجتماعية والاقتصادية التي تحققها القارة".
وأضاف البروفيسور تالاس قائلاً: "كانت أفريقيا، في الفترة بين عامي 1970 و2021، تشكل 35 في المائة من الوفيات المرتبطة بالطقس والمناخ والماء. ومع ذلك، ليس هناك سوى 40 في المائة من سكان أفريقيا تتاح لهم إمكانية الوصول إلى نظم الإنذار المبكر - وهو أدنى معدل في أي منطقة في العالم. وتسعى خطة العمل الجديدة للإنذار المبكر للجميع لأفريقيا إلى تغيير ذلك".
وسُلط الضوء على الآثار الاجتماعية والاقتصادية لظواهر الطقس المتطرفة وتغير المناخ في تقرير المنظمة (WMO) عن حالة المناخ في أفريقيا 2022، والذي جرى الإعلان عنه أيضاً في مؤتمر القمة المعني بالمناخ في 4 أيلول/ سبتمبر.
وقال Selwin Hart، المستشار الخاص للأمين العام المعني بالعمل المناخي والانتقال العادل: "يتمثل أكبر إجحاف ناجم عن أزمة المناخ في أن الأشخاص الذين ساهموا بأقل قدر يدفعون أعلى ثمن في الأرواح وسبل العيش. ولا يُحمى ستة من كل 10 أشخاص في أفريقيا بنظم إنذار مبكر فعالة، وهي الأداة الأساسية لإنقاذ الأرواح وحماية سبل العيش قبل وقوع أي كارثة. ويجب أن يكون تنفيذ رؤية الأمين العام الجريئة الرامية إلى ضمان أن يكون كل شخص مشمولاً بنظم إنذار مبكر فعالة بحلول عام 2027 على رأس جدول الأعمال العالمي. وخطة عمل نظم الإنذار المبكر للجميع لأفريقيا هي خارطة الطريق لأفريقيا نحو تحقيق هذا الهدف ويجب أن تحظى بدعم الجميع".
وتوفر نظم الإنذار المبكر عائداً أكثر من عشرة أضعاف على الاستثمار. وإرسال إشعار قبل وقوع أي ظاهرة خطيرة وشيكة بأربع وعشرين ساعة فقط يمكن أن يقلل الضرر الناجم عنها بنسبة 30 في المائة. وخلصت اللجنة العالمية للتكيف أن إنفاق 800 مليون دولار فقط على مثل هذه النظم في البلدان النامية من شأنه أن يساعد على تجنب خسائر تتراوح قيمتها بين 3 مليارات و16 مليار دولار سنوياً.
وقالت Mami Mizutori، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث ورئيسة مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث (UNDRR): "إن خطة عمل نظم الإنذار المبكر للجميع في أفريقيا هي جهد شامل يرمي إلى تعزيز نظم الإنذار المبكر في جميع أنحاء أفريقيا. ومن خلال التركيز على المراقبة وبناء القدرات والتواصل والمشاركة المجتمعية، تهدف المبادرة إلى تعزيز التأهب للكوارث، وزيادة الوعي العام، وتعزيز التعاون الإقليمي. وفي نهاية المطاف، تسعى المبادرة جاهدة إلى إنقاذ الأرواح، وحماية سبل العيش، وبناء أفريقيا أكثر قدرة على الصمود".
الكوارث المتعلقة بالطقس والمناخ والماء في أفريقيا في عام 2022. ملاحظة: لا ترد الأضرار الاقتصادية لبعض حوادث الكوارث في الشكل بسبب عدم توافر البيانات.
المصدر: البيانات حتى حزيران/ يونيو 2023 من قاعدة البيانات الدولية للكوارث (EM DAT)
خطة عام 2063: أفريقيا التي نصبو إليها
أدت الاستراتيجية الإقليمية لأفريقيا بشأن الحد من مخاطر الكوارث في عام 2004 إلى إحراز تقدم صوب تحقيق إدارة أكثر استباقية لمخاطر الكوارث. ولكن لا يزال هناك الكثير مما يمكن عمله.
وقد أفادت مفوضية الاتحاد الأفريقي بأن الزيادة في الأضرار والخسائر الناجمة عن الكوارث التي شهدتها العديد من البلدان تُعزى إلى عدم إدماج الحد من مخاطر الكوارث ضمن تخطيط التنمية وعدم كفاية الاستثمار في نظم الإنذار المبكر.
ومن شأن آلية فعالة للإنذار المبكر أن تحول دون خطر وقوع كارثة أو تقلص ذلك الخطر أو تقلل إلى أدنى حد من آثارها. ونتيجة لذلك، أصبحت عمليات التعافي أرخص وأسرع، الأمر الذي يسهم بشكل أكبر في القدرة على الصمود.
وتتسق خطة عمل نظم الإنذار المبكر للجميع في أفريقيا اتساقاً تاماً مع خطة عام 2063: أفريقيا التي نصبو إليها، واستراتيجية تغير المناخ في أفريقيا. وهي تدعم الخطة العالمية لعام 2030، ولا سيما إطار سنداي للحد من مخاطر الكوارث، واتفاق باريس بشأن تغير المناخ، وأهداف التنمية المستدامة.
وقالت معالي السفيرة جوزيفا Josefa Leonel Correia، المفوضة المعنية بالزراعة والتنمية الريفية والاقتصاد الأزرق والبيئة المستدامة بمفوضية الاتحاد الأفريقي: "إن أفريقيا تتطلع إلى تحسين مراقبة وفهم المناخ باعتبارها نقطة انطلاق للاسترشاد بالمناخ في اتخاذ القرار، وتخطيط التنمية، والعمل المناخي الفعلي. وقد رصدت القارة هدفاً لخطة عام 2063 "أفريقيا التي نصبو إليها" يتمثل في تحقيق "الاستدامة البيئية والاقتصادات والمجتمعات القادرة على الصمود".
الركائز الأربع
تتألف خطة عمل الإنذار المبكر للجميع في أفريقيا - شأنها شأن المبادرة العالمية - من أربع ركائز أساسية، تُنسق من خلال دعم القيادة السياسية. وبالنسبة لكل ركيزة، وُضع سيناريو مقترح لشكل النجاح، والإجراءات المطلوبة والأنشطة المقترحة، فضلاً عن استراتيجيات التنفيذ وجهود التنسيق التي تراعى المستويات من الإقليمي إلى الوطني.
المعرفة بمخاطر الكوارث وإدارتها: يقود هذه الركيزة مكتبُ الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، بدعم من المنظمة (WMO).
وهي تهدف إلى جمع البيانات وإجراء تقييمات للمخاطر من أجل زيادة المعرفة بالأخطار ومواطن الضعف والاتجاهات. ومن خلال تحسين المعرفة بمخاطر الكوارث، يمكن لأفريقيا أن تفهم نقاط ضعفها وتديرها بشكل أفضل، وأن تحد من أثر الكوارث، وأن تبني القدرة على الصمود داخل المجتمعات من أجل تحسين إدارة مخاطر الكوارث.
وهي تشمل الجوانب التالية: تحديد المخاطر وتقييمها؛ وجمع البيانات وتحليلها؛ ومشاركة وتثقيف المجتمعات المحلية؛ وتبادل المعرفة والشراكات. ويقتضي ذلك اتباع نهج متعدد الأوجه يجمع بين التقدم العلمي والمشاركة المجتمعية والتعاون الإقليمي لتحقيق أفريقيا أكثر أماناً واستعداداً.
الرصدات والمراقبة والتنبؤ: تقود المنظمة (WMO) هذه الركيزة، بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (UNESCO) وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP).
وهي تركز على تحسين مراقبة ورصد مختلف البارامترات المتعلقة بالمناخ والطقس. ويتضمن ذلك نشر تقنيات الاستشعار الحديثة، واستخدام التصوير بالسواتل، ومحطات الرصد الجوي، وغيرها من أدوات جمع البيانات لجمع معلومات دقيقة وآنية.
وهي تسعى إلى سد الثغرات الحرجة في تغطية الرصد، ونقل البيانات وتبادلها، واستخدام البيانات والنواتج المستمدة من مراكز الإنتاج العالمية (GPC) ونظم مراقبة الأرض من الفضاء، وإنتاج نواتج ذات قيمة مضافة مثل التنبؤات القائمة على الآثار.
ولتحقيق الاستفادة الفعالة من البيانات المجمعة، تشدد المبادرة على بناء قدرات وكالات الأرصاد الجوية والهيدرولوجيا. ويشمل ذلك تدريب أخصائيي الأرصاد الجوية والفنيين وأصحاب المصلحة المعنيين على تقنيات التنبؤ المتقدمة، وتفسير البيانات، ونشر المعلومات والخدمات المناخية لمختلف القطاعات الاجتماعية والاقتصادية.
النشر والتواصل: يقود هذه الركيزة الاتحادُ الدولي للاتصالات، بدعم من الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر (IFRC)، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، والمنظمة (WMO). ويتمثل أحد الجوانب الرئيسية للمبادرة في إنشاء قنوات اتصال قوية وموثوقة لنشر معلومات الإنذار المبكر.
ويتضمن ذلك الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية، مثل شبكات الهواتف المحمولة والتطبيقات ومنصات وسائل التواصل الاجتماعي، للوصول إلى جمهور أوسع وضمان إصدار الإنذارات في الوقت المناسب.
قدرات التأهب والاستجابة: يقود هذه الركيزة الاتحادُ الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر (IFRC)، وبدعم من شراكة الإجراءات المبكرة القائمة على الوعي بالمخاطر (REAP)، ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO) وبرنامج الأغذية العالمي (WFP).
واعترافاً بأهمية مشاركة المجتمعات المحلية في الحد من مخاطر الكوارث، تدعم المبادرة المشاركة النشطة للمجتمعات المحلية في نظم الإنذار المبكر. ويشمل ذلك تثقيف المجتمعات المحلية بشأن المخاطر التي تواجهها، وتدريبها على إجراءات الاستجابة والإخلاء، ودمج معارفها الأصلية في النظم.
الحوكمة والتنسيق: توفر مفوضية الاتحاد الأفريقي (AUC) القيادة السياسية في تنفيذ مبادرة الإنذار المبكر للجميع، وتدعم المنظمة (WMO) ومكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث (UNDRR) بوصفهما الجهتين المشتركتين في قيادة جهود التنفيذ.
ويكتسي إنشاء آلية فعالة للحوكمة والتنسيق لنظم الإنذار المبكر في أفريقيا أهمية حاسمة لضمان مراعاة حسن التوقيت والتنسيق في نشر معلومات بالغة الأهمية للسكان المعرضين للخطر.
ومن شأن هذه المبادرة أن تعزز التعاون الإقليمي عن طريق توطيد التعاون وتبادل المعارف فيما بين البلدان الأفريقية والمنظمات الإقليمية والشركاء الدوليين، وتشجيع اتباع نهج منسق ومتوائم إزاء نظم الإنذار المبكر في القارة. وهذا أمر حيوي في ضوء الطبيعة العابرة للحدود التي تتسم بها العديد من المخاطر.